تسهيل فترة التأقلم/التكيّف للطفل بالحضانة الجديدة؟

إنّ انتساب الطفل للحضانة يشكّل حدثًا مهمًّا في حياة الأسرة. لا بدّ وأنّ كل أهل يعيشون المشاعر المختلطة التي تنشأ في الأيّام التي تسبق دخول طفلهم إلى الحضانة. مشاعر حماس، إثارة وفرحة🥳، مختلطة بمشاعر خوف، توتّر، وقلق😫 بشأن تأقلم طفلهم في الحضانة الجديدة.

📝 بضعة نقاط هامّة لاحظتها من خلال خبرتي في استقبال أطفال جدد في حضاناتنا وروضاتنا:

🟣 مدّة التكيّف بالحضانة فرديّة. حيث يتكيّف بعض الأطفال بسهولة مع الظّروف الجديدة، بينما يحتاج البعض الآخر إلى مزيد من الوقت. فيمكن لطفل معين أن يمتد به الحال أيّامًا وقد يحتاج ليصل إلى شهر أو أكثر كي يودّع والديه بدون حزن. وفي المقابل من الممكن لطفل آخر أن يحتاج لدقائق معدودة كي يتأقلم في إطار الحضانة، ويودّع والديه من اليوم الأوّل مع ابتسامةٍ عريضةٍ.

ملاحظة بشدّة الأهميّة: في بعض الأحيان، وبعد تكيّف الطفل السّريع والنّاجح بالأيّام الأولى، يمكن أن يصيب الطفل النّفور من الحضانة، وأن يبدأ بالبكاء، وذلك عندما يدرك أنّ الحضانة ليست مؤقتة، وأنها أصبحت قسمًا من روتينه اليومي، وأنّه سيُترك يوميًّا. على الأهل عدم القلق من هذا التّراجع. فهذا التّراجع ينبع فقط من استيعاب الطفل لحياته الجديدة في الحضانة.

كل طفل يأتي من خلفيّة مختلفة، وهذا قد يعتمد على تجاربه السابقة في الانفصال. فعلى الأهل عدم المقارنة بين طفلهم والأطفال الآخرين، ولا حتّى مقارنته مع أخوته.

🟣 عندما يمرّ الطفل بتغيير كبير في حياته، تكون التغيرات في السلوك والأداء العام أمرًا شائعًا. من التغيرات المحتملة لدى الطفل أثناء عملية التكيّف، تغيرات في عادات الأكل والنوم، فممكن للطفل أن يرفض تناول الطعام أو النوم. وقد يعاني الطفل من تراجع في السلوك، أو حتّى العودة إلى مرحلة النّمو السابقة التي مر بها. ممكن أن يتمثّل ذلك بالبكاء، التبوّل الّلا-إرادي، الزحف، أو طلب المصّاصة وما إلى ذلك. كل هذه التغييرات طبيعية ولا تشكّل سبباً للقلق.

🟣 قبل أن يبدأ الطفل بدوامه بالحضانة بفترة، يوصى بأن يعتاد تدريجيًّا على انفصاله عن والديه. ممكن مثلاً للوالدين ترك طفلهم مع أجدادهم أو أشخاص مألوفين للطفل لفترة قصيرة، مما سيتيح للطفل الفرصة بتخطّي غياب والديه عنه، وبالتّالي اكتساب الثقة في غياب الوالدين.

🟣 إذا اختار الأهل الحضانة الأفضل لطفلهم، فعليهم أن يثقوا بطاقم المربيات بالحضانة. فإذا تركوا طفلهم وهم غير مرتاحين وراضيين، فبكل تأكيد لن يكون طفلهم مرتاحًا أيضًا. فعليهم إعطاء أنفسهم الوقت الكافي لكي يتركوا طفلهم وهم مطمئنين أنّه بأيدٍ أمينةٍ، حتّى لو أنّكم تركتموه باكيًا.

📝 توصيات عملية ستساعد الطّفل على قضاء الأيام الأولى في الحضانة بطريقةٍ ممتعةٍ:

💎 تجهيز الطفل نفسيًّا خلال العطلة الصيفيّة وقبل دخوله الحضانة. على الأهل التحدّث مع الطفل عن التجارب الإيجابيّة التي سيعيشها في الحضانة. مثلا، التحدّث عن ماذا سيفعل بالحضانة، لعبه مع أصدقائه، عن ألعاب وساحات الحضانة، وعن حاضناته🤱.

وإذا أتيحت للأهل الفرصة، من المفضّل زيارة الحضانة خلال العطلة الصيفيّة مثلًا، بمرافقة الطفل، من أجل التعرّف عليها وملاءمة توقّعاته مع الحديث الذي دار بينه وبين أهله عن الحضانة. إذا لم تسنح لهم الفرصة بذلك، يمكن للأهل عرض صور للحضانة وفعاليّاتها🖼.

💎 لمساعدة الطفل على التأقلم بالحضانة الجديدة، من المهم أن تتم عملية الانتقال تدريجياً. يمكن إضافة ساعة يوميا للمكوث بالحضانة بالتدريج. عمليّة التأقلم صعبة وتتطلب وقتًا وكثيرًا من الصبر.

💎 يوصى بشدّة بالمكوث مع الطفل في الحضانة لبضع ساعات في الأيام الأولى. من خلال مكوث الأهل معه، مفضّل التجوّل معه في جميع أرجاء الحضانة والتعرّف على جميع الزوايا والسّاحات فيها. وبالطبع تشجيعه على التواصل مع المربية حتى تحصل على ثقته بها ويشعر معها بالأمان، وخاصّة بوجود الأهل معه. ممكن أيضًا لأي أحد من المقرّبين من الطفل مرافقته بالأيّام الأولى. ممكن أن تكون حتى الخالة المقرّبة، الجدّة.. (من المفضّل أحد الوالدين)

💎 مفضّل إحضار أي غرض من البيت مع الطفل الى الحضانة كل صباح في الأيام الأولى. يمكن أن تكون مصاصة، بطانية، دمية🪆، دبدوب🧸 أو أي شيء مألوف ومحبوب بشكل خاص للطفل. سيساعده على التغلب على الشّوق ويمنحه شعوراً بالأمان.

💎 من المهم جدًا أن تتم عملية التأقلم برمّتها بالتعاون الكامل مع طاقم المربيات ذوات الخبرة لمساعدة الطفل على اجتياز هذه الفترة الصعبة بسهولة. قد تطلب المربية من الأهل أن يتركوا طفلهم بمفرده في الأيام الأولى. على الأهل الوثوق بها والسماح لها بقيادة عملية التأقلم.

💎 خلق طقوسٍ منتظمةٍ لتوديع الطفل كل صباح، وخاصّةً في الأيام الأولى، على الأهل توديع الطفل يوميًّا بسرعة وبنفس الطريقة. مثلًا، بحضن كبير🫂، أو قبلةٍ على جبينه😙…. الطقوس المنتظمة، تمنح الطفل إحساسًا بالأمان وتساعده على فهم أنّه بعد هذه الحركة من الأهل، سيغادرون الحضانة وأنّهم حتمًا سيعودون دائمًا، وأنه من المقبول البقاء في الحضانة بدون وجود الأهل معهم.

👋🏼 توديع الطفل صباحًا؟

قبل مغادرة الأهل للحضانة، على الأهل إخبار طفلهم أنهم سيغادرون وسيعودون قريبًا لاصطحابه من الحضانة بعد عودتهم لاحقاً. إذا حاوروه وشرحوا له مسبقًا ما سيحدث، فسوف يفهم الطفل أنه لا يوجد سببًا للبكاء أو الشكوى.

🚫 ما لا ينصح بفعله في الأيام الأولى لتأقلم الطفل بالحضانة:

❌ عدم اختفاء الأهل من تحت أنظار الطفل فجأةً خلال انشغاله باللعب دون علمه، حتى لا يبدأ في البحث عنهم ولا يدخل في نوبة بكاء وصراخ. يمكن أن يسبب هذا “رهبة الإنفصال” (חרדת נטישה) من جيل صغير.

❌ عدم عودة الأهل إلى الحضانة بعد توديع الطفل، حتى لو سُمع صوت بكائه. إذا فعل الأهل ذلك، سيشعر الطفل بعدم الأمان لديهم. كما وأنّ الطفل ذكي، إذا شاهد أهله بعد توديعهم له، فسوف يفهم أن هذه طريقة جيدة لإعادتهم ورؤيتهم مرارًا وتكرارًا.

❌  عدم التحدّث أمام الطفل عن عمليّة تأقلمه، وعدم إظهار مدى التخوّفات من هذا الأمر، أو الحزن بسبب بكائه. هذا الحديث يُعطي الطفل الشّعور بعدم الأمان. بالمقابل تشجيعه والتحدّث أمامه عن مدى ثقة الأهل به بتخطّي هذه المرحلة بكل سهولة.

❌ عدم القيام بتغييرات إضافية للطفل خلال فترة تكيّفه بالحضانة الجديدة. مثل، فطامه عن المصّاصة، الحفّاظة، البطانية أو قنيّة الحليب.

🛌 تخطّي مشكلة نظام النّوم (خاصّة بعد العطلة الصيفيّة):

يعدّ الدخول إلى حضانة جديدة ليس بالشيء السهل. بيئة جديدة، مربيات جدد، أصدقاء جدد، وجدول يومي مختلف. كل هذا قد يعطّل سيرورة نوم الطفل. القلق خلال النوم والاستيقاظ المتكرّر في الّليل من أكثر الأعراض شيوعًا التي تظهر غالبًا خلال فترة التأقلم مع الوضع الجديد. هناك أطفال يتكيّفون بسهولة وفي غضون أيّامٍ قليلة يعودون إلى مسار النوم الجيد. في المقابل، فإن الأطفال الحسّاسين أو الأطفال الصّغار الذين لا ينامون بانتظام قبل دخولهم الحضانة عادةً ما يتكيّفون بطريقة أكثر صعوبة وأطول أمدًا. مع الكثير من الحب، الصبر والاحتواء، والنوم بساعة مبكّرة منتظمة، يمكن للطفل العودة إلى النوم الهادئ والاستمتاع بالحضانة.

وأخيرًا، على الأهل إعطاء طفلهم الشعور بالثقة، والهمس بأذنه قبل دخول الحضانة🤫، بأنّهم على ثقة أنّه سيستمتع بيومه بين أصدقائه ومربّياته، وأنّه سيتخطّى ذلك بسهولة💪🏼.

على الأهل النّظر إلى المدى البعيد، فهذه المرحلة من حياته تجهّز الطفل للمستقبل، ولحياته القادمة. هكذا يطوّر الطفل القدرة على الانفصال حتى يتمكّن من التكيّف بشجاعة مع المواقف الجديدة دون أن يهتز عالمه ودون دفع ثمن عاطفي باهظ.

 

بالنّجاح.💙

ديانا عبد الرحيم

لقب ثان تربية طفولة مبكر